جاء سوق الانتقالات الصيفية هذا العام مختلفاً عن سابقه من حيث الإثارة الكبيرة وتبادُل الأدوار بين الأندية التي أتمَّت صفقاتها الرنانة وارتفاع أسعار اللاعبين وهبوطها بحسب المستوى الفني الذي قدَّمه اللاعبون في الموسم المنصرم، وشهدت الأرقام المالية التي دفعتها معظم الأندية المنضوية تحت لواء الدوريات الستة الكبرى "مالياً" (إنكلترا- إيطاليا- ألمانيا- فرنسا – روسيا- إسبانيا)، خسائر واضحة في بداية الموسم غالباً ما يتمّ تعويضها خلال الموسم أو بعد انتهائه في حال "تطابق حساب المحصول مع حساب البيدر".
وتعدّ الإنجازات الجماعية والفردية لكلِّ نادٍ أو لاعبٍ على حدة مفتاحاً أساسياً للتسويق وحصد أموال الربح أو تجنُّب الخسارة إن أمكن ذلك، فماذا عن لغة الأرقام في الدوريات الأكثر إنفاقاً بالاعتماد على عددٍ من المواقع العالمية المتخصّصة التي تكون الأقرب تقديرياً لحساب جميع الصفقات المُنجَزة، وذلك في ظلِّ عدم قدرة أيّ جهة على توثيق الأسعار الرسمية للاعبين في ظلِّ الغموض الكبير الذي يشمل أغلب صفقاتهم، إلا أنّ ما ذكر هنا يعتبر الأكثر قُرباً، وباستخدام وحدة الجنيه الإسترليني لجميع الأرقام الموجودة بالنسبة لسوق الانتقالات لغاية مساء أمس الثلاثاء.
الأكثر إنفاقاً وربحاً...
جاءت أندية الدوري الإنكليزي في المقدِّمة من حيث الصرف على شراء اللاعبين، بين نظيراتها في الدوريات الأرووبية الأخرى من خلال دفعها لمبالغ شراء اللاعبين بقيمة 548.798.800 مقابل 334.492.400 لإيطاليا و212.546.400 لألمانيا و198.748.000 لفرنسا، وخامساً الدوري الروسي 196.565.600 ثم الأندية الإسبانية بـ116.248.000، وإذا ما أردنا المقارنة بين حسابات شراء اللاعبين وبيعهم فإننا سنجد أنّ أندية الدوريين الإيطالي والإسباني كانت فقط الرابحة بـ47.053.600 للثاني و10.864.000 للأوَّل، بعد أن باعت أنديتهم لاعبين زادت قيمتهم المالية على ما تمّ جلبه، في حين خسرت الأندية الإنكليزية 283.786.800 والروسية 161.735.200 والألمانية 89.812.800 ومن ثمّ الفرنسية (54.032.000).
وأصبح نادي باريس سان جيرمان الفرنسي أكثر الأندية إنفاقاً بالقياس إلى جميع الأندية في الدوريات الستة الكبرى بعد أن دفع 129.360.000 يليه تشلسي الإنكليزي بـ88.264.000، ثم زينيت سان بطرسبورغ الروسي 83.600.000 وبايرن ميونيخ الألماني 61.864.000 وخامساً توتنهام الإنكليزي (57.552.000).
وسنجد ميلان الإيطالي في المقدِّمة إذا ما أردنا ترتيب الأندية الخمسة الأوائل الأكثر ربحاً أيضاً في الدوريات المذكورة من فرق البيع والشراء بـ39.468.000، وهو ما قد يشكل له مشكلةً بسبب عدم التجديد لبعضهم إضافة لبيع البعض الآخر، ثمّ مواطنه جنوى 31.389.600 وأتلتيك بيلباو الإسباني ثالثاً 33.000.000 وتلاه ملقة الإسباني 25.784.000 وليل الفرنسي خامساً 20.680.000.
الأغلى هذا الموسم...
حلَّ البرازيلي هالك الذي انتقل من بورتو البرتغالي في المركز الأوّل بعد رحيله لزينيت سان بطرسبورغ بحوالي 48.500.000، ثم تياغو سيلفا، الذي ضمّه باريس سان جيرمان من ميلان بـ(36.960.000)، ثمّ بـ 35.200.000 كلٌّ من الإسباني خافي مارتينيز من أتلتيك بيلباو إلى بايرن ميونيخ والبلجيكي إيدين هازار من ليل الفرنسي إلى تشلسي والبرازيلي لوكاس مورا، الذي سينضمّ إلى باريس سان جيرمان من ساوباولو البرازيلي في الانتقالات الشتوية، والبلجيكي أكسل فيتسل من بنفيكا البرتغالي إلى زينيت.
وبنظرة معمَّقة نجد أنّ معظم الصفقات المرتفعة هذا الموسم كانت مركَّزة على المواهب الشابة التي غالباً ما تشغل المراكز الهجومية، الأمر الذي قد يظهر غياباً كبيراً للمدافعين باستثناء سيلفا أحد أبرز المدافعين في العالم، إضافةً لعدم صرف الأموال الباهظة في سبيل الحصول على مهاجمٍ قنّاص عموماً باستثناء هالك والهولندي فان بيرسي، الذي انتقل من آرسنال الإنكليزي إلى مواطنه مانشستر يونايتد، وذلك بعد أن شهدت السوق تركيزاً أكبر على لاعبي خط الوسط والأجنحة الهجومية، مما قد يدل على وجود شحٍّ في المواهب الدفاعية والهجومية أو صعوبة التفريط بنجوم هذه المراكز بانتظار ارتفاع أسعارهم أو الرغبة في الاستفادة الفنية من وجودهم.
الأسعار والدور التكتيكي...
وتُظهر الدراسة الشاملة للميركاتو هذا الموسم أنّ اللاعبين الذين تجاوز سعرهم عشرة ملايين يورو كانوا (20) لاعباً من لاعبي خط الوسط أغلاهم هازار ومورا ومارتينيز وفيتسل بالسعر المذكور سابقاً، وبلغ عدد المهاجمين (15) أغلاهم هالك ثم فان بيرسي بـ(27.016.000) ثم الأرجنتيني إزيكييل لافيتزي لاعب باريس سان جيرمان، الذي قدم من نابولي الإيطالي بما يقارب عشرين مليوناً، ورابعاً السويدي زلاتان إبراهيموفيتش القادم إلى سان جيرمان من ميلان بـ18.480.000، أما المدافعون فلم يتجاوز عددهم خمسة لاعبين وأغلاهم سيلفا.
وبلغ سعر أغلى لاعب في كلِّ دوري بالترتيب: هازار صفقته الأكثر ارتفاعاً في الإنكليزي، والإيطالي جيامباولو باتزيني في الإيطالي، بعد أن قُدرت صفقة انتقاله من إنترناسيونالي إلى مواطنه ميلان بـ11.000.000، ومارتينز في الألماني وسيلفا في الفرنسي، وهالك في الروسي والكرواتي لوكا مودريتش من توتنهام إلى ريال مدريد 26.400.000 وهو أغلى انتدابات الإسباني.
الغياب الأبرز...
ونجد أخيراً أنّ أبرز ما شهدته هذه السوق هو الغياب الكبير للكثير من نجوم العقد الماضي، سواءً الإيطالي أليساندرو ديل بييرو أو الهولندي كلارنس سيدورف أو الإيفواري ديديه دروغبا وغيرهم، فمنهم من تأخر في البحث عن عقد يناسب عقليته الاحترافية، ومنهم من أحبّ الابتعاد عن الضغوط التنافسية، ومنهم من أجبره تقدُّمه بالعمر على الانتقال إلى نادٍ أقل مستوى من سابقه، لتسجّل السوق على غير عادتها شحَّاً كبيراً في الاعتماد على نجوم الخبرة، الذين فاقت أعمارهم الثلاثين سنة من قبل أيٍّ من الأندية البارزة أوروبياً.
وطغى النجوم البرازيليون كعادتهم على قائمة الأغلى سعراً في السوق المالية بعد تربُّع أربعة لاعبين من السامبا في قائمة السبعة الأوائل بين من كانوا الأكثر تكلفةً لهذا الموسم.
